11th Oct 2025
سَطَعَتْ شَمْسُ الشِّتَاءِ، وَأَلْقَتْ بِنُورِهَا عَلَى مُحَيَا الضُّحَى. قَالَ عُمَرُ: "أَحَوُّلُ الْخُضَرَاتِ الآنَ، فَأَنَا جَائِعٌ!". أَنَامِلُ احْتَضَنَتْ كَوْكَبًا قُرْمُزِيًّا، تَوَشَّحَ بِقَطَرَاتِ النَّدَى، وَوَضَعَهُ عَلَى الطَّاوِلَةِ، حَتَّى يُوَزَّعَ عَلَى الإخْوَةِ. دَخَلَ الْفَتَى يَرْتَجِفُ مِنْ الْبَرْدِ، وَتَوَجَّهَ إِلَى السَّلَّةِ، وَمَا هِيَ إِلَّا دَقَائِقُ حَتَّى قَطَعَ مُحْتَوَاهَا، الَّذِي احتَوَى عَلَى خُضَرَاتٍ طَازَجَةٍ وَفَاكِهَةٍ حَلَوِيَّةٍ.
وَعَلَى مَوْقِدِ الطَّاقَةِ، غَلَّى قِدْرًا مِنْ الْمَاء وَأَلْقَى فِيهِ الْخُضَارَ الْمُقَطَّعَةَ. قَالَ عُمَرُ مُتَامِلًا: "سَيَكُونُ فُطُورُنَا لَذِيذًا!". نَثَرَتْ الْمِلْحَ وَالْفُلْفُلَ الْحَارَّ، ثُمَّ أَثْنَى عَلى الطَّعَامِ. أَمَّا وِعَاءُ الْعَجِينِ فَقَدْ أَدْخَلَ الْفُرْنَ السَّاخِنَ. بِخُطُوَاتٍ مُتَّئِدَةٍ، دَخَلَ لِيُوقِّظَ إِخْوَتَهُ مِنْ النَّوْمِ، عَلى أَرجاءِ الْمَنزِلِ، حَتَّى يُسَافِرُوا مَعَهُ إِلَى مَضَارَةِ الطَّعَامِ!
أَخُوهُ الصَّغِيرُ سَالِمٌ، الَّذِي بَدَّلَ لَهُ مَلَابِسَهُ الْمُتَّسِخَةَ، قَالَ: "عُمَرُ، أَنَا جَائِعٌ! أَيْنَ الطَّعَامُ؟". تَوَجَّهَ إِلَى الطَّاوِلَةِ، وَلَكِنَّهُ فِي قَلْبِهِ كَانَ مُتَشَوَّقًا لِلَّذَائِذِ الَّتِي يُحَضِّرُهَا عُمَرُ. هَيَّا نَحِينَ يَكُونَ الْغَدَاءِ، كَمَا قَالَ عُمَرُ وَفَجْأَةً، سُمِعَ صَوْتُ خُطًى تَقْرَعُ سَحْنَةَ الْأَرْضِ بِقُوَّةٍ وَتُؤَكِّدُ صَدَاهَا فِي الْقَلْبِ: إِنَّهَا الْعَمَّةُ فَاطِمَةُ.