24th May 2025
في صباحٍ مشرقٍ في محمية اللياح، اجتمعت العائلة في نزهة جميلة تحت ظل شجرة قريبة من واحة صغيرة. كان الأب يرتشف قهوته والأم تفرش الزولية وتجهّز الطعام، بينما الأطفال يلعبون بفرح. قال أحد الأطفال وهو يتأرجح من غصن شجرة: "انظروا، لقد وجدت طائرًا غريبًا!". بينما آخر يركض حول سيارة الدفع الرباعي.
وسط هذه الأجواء السعيدة، ظهر الهدهد بشكله المميز وريشه المزخرف، يحمل في منقاره مفتاحًا صغيرًا. وضع صندوق أدواته بجانبه، وبدأ يصلّح سياج المحمية الخشبي بحذر ومهارة. اقتربت طيور النورس الفضولية من الأعلى وسألت: "يا هدهد، ما الذي تفعله؟". ابتسم الهدهد وأجاب: "إنها ليست مجرّد أخشاب وأسلاك، بل جدار يحمي الكنز."
تجمعت الطيور من حوله، وانضم إليهم صقر صغير وفضولي. قال الهدهد وهو يعدّل ريشه: "قبل سنوات كنتُ تائهًا في الصحراء بعد عاصفة قوية. قابلت البومة الحكيمة، تعيش في تجويف صخرة عند أطراف المحمية." قال أحد الأطفال: "بومة؟! وما الذي قالته؟".
رد الهدهد: "قالت لي شيئًا غيّر حياتي: ‘من يحفظ المكان، يحفظ التاريخ… ومن يصلح الأسوار، يفتح الأبواب للمستقبل.’" ثم أخرج الهدهد من صندوقه قطعة خشب محفورًا عليها رسم شجرة وطيور. قال: "هذه البومة أعطتني هذه القطعة وقالت إنها تعود لأسلاف الطيور الذين عاشوا هنا قبل مئات السنين."
تأثر الجميع، حتى الطفل الذي كان يتأرجح توقف ليستمع. نظرت الأم والأب لبعضهما بابتسامة فخر. في تلك اللحظة، حلّقت البومة الحكيمة من بعيد، وهبطت على غصن الشجرة القريبة. قالت بصوت هادئ: "أحسنتم يا أصدقاء… لقد حان الوقت لتروي الأرض حكايتها من جديد."
كلُّ الأنظار كانت متجهة نحو البومة الحكيمة، التي هبطت على غصن الشجرة برشاقة رغم عمرها الكبير. كان الصمت يلفّ المكان، الكل ينتظر كلماتها. قالت بصوتٍ عميقٍ: "لقد سرّني ما رأيته اليوم من تعاون ومحبة بينكم، لكن أمامكم مهمة جديدة… إنها ليست إصلاح السياج فقط، بل إصلاح ما هو أعمق من ذلك."
اقترب الطفل الأكبر سنًا وقال بشغف: "ما هي المهمة؟! أخبرينا يا بومة!" ابتسمت البومة وقالت: "سأطرح عليكم سؤالًا بيئيًا، ومن يحلّه، سيفهم سر حماية الأرض." رفعت جناحها وأكملت: "في أرضنا هذه نبات صغير، لا يُرى بسهولة، لكنه يحمي التربة من الانجراف...".
ثم سألتهم: "ما هو هذا النبات؟ وكيف نحميه؟" بدأ الأطفال يتبادلون النظرات، والطفل الصغير ركض نحو أبيه يسأله. قالت الأم: "ربما هو نبات يعرفه البدو… صغير الحجم، لكن قوي."
صرخ الصقر الصغير: "أعتقد أنه… العرفج! هل هو؟" هزّت البومة رأسها بابتسامة وقالت: "اقتربت، لكن فكّروا بعمق أكثر… النبات ليس هو المهم فقط، بل الفكرة." قال الهدهد: "أظن أن الجواب ليس نباتًا بعينه، بل هو كل نبتة برّية نحميها."
ابتسمت البومة وقالت: "أحسنت يا هدهد… الجواب هو: كل نبتة تنمو طبيعيًا في أرضها، هي كنز يجب ألا يُهمل." فرح الجميع، وقرّر الأطفال رسم لوحة عن النباتات الصحراوية. ومنذ ذلك اليوم، أصبح كل زائر يُسأل: "هل تعرف نبتة تحمي الأرض؟".